قالت دنيا زاد لاختها اتمى لنا حديثك عن حكاية الصعلوك الثانى مع الصبية
فقالت حبا وكرامة لمولايا الملك واكملت حديثه قائلة
بلغنى ايها المللك السعيد ذو الراى الرشيد ان الصعلوك الثانى اخد يكمل حديثه عما وجده تحت الشجرة
وقد قال : نزلت إلى أسفل السلم فرأيت باباً فدخلته فأذا بمراة خلف هذا الباب
فنظرت الى بخوف وريبة وقالت لي أأنت أنسي أم جني، فقلت لها: إنسي
فقالت: ومن أوصلك إلى هذا المكان الذي اقمت فيه عشرون عاما وما رأيت فيه إنسياً أبداً فقلت لها يا سيدتي أوصلني
الله إلى منزلك ولعله يزيل همي وغمي وحكيت لها ما جرى لي
فصعب عليها حالي وبكت وقالت أنا الأخرى أعلمك بقصتي فاعلم أني بنت ملك أقصى الهند صاحب جزيرة الآبنوس
وكان قد زوجني بابن عمي فاختطفني ليلة زفافي عفريت من بنى إبليس فطار بي إلى هذا المكان ونقل فيه كل ما
أحتاج إليه من الحلى والحلل والقماش والمتاع والطعام والشراب. في كل عشرة أيام يجيئني مرة فيبيت هنا ليلة
وعاهدني إذا عرضت لي حاجة ليلاً أو نهاراً أن ألمس بيدي هذين السطرين المكتوبين على القبة فما ارفع يدي حتى
أراه عندي ومنذ كان عندي له اليوم أربعة أيام وبقي له ستة أيام حتى يأتي
فهل لك أن تقيم عندي خمسة أيام فانى اعيش فى خوف ورهبة طوال عمرى
وتنصرف قبل مجيئه بيوم فقلت نعم
فقالت : الحمد لله الذي أرسلك إلي وقد تمكنت محبتها في قلبي، وذهب عني همي وغمي
فجلسنا في منادمة إلى الليل، فبت معها ليلة ما رأيت مثلها في عمري وأصبحنا مسرورين وقد غلب علي الغرام فقلت
لها هل اخرجك من تحت الأرض ووتتزوجينى . فضحكت
فقلت لها دعينى اكسر هذه القبة التي عليها النقش المكتوب لعل العفريت يجيء حتى أقتله فإني موعود بقتل العفاريت
فلما سمعت كلامي أنشدت:
يا طالباً للفراق مـهـلاً
بحيلة قد كفى اشتـياق
اصبر فطبع الزمان غدر
وآخر الصحبة الفـراق
فلما سمعت شعرها لم ألتفت لكلامها بل ضربت بكل قوتى القبة ضربة قويةً قالت لي المرأة أن العفريت قد وصل إلينا
أما حذرتك من هذا ولله لقد آذيتني ولكن انج بنفسك واطلع من المكان الذي جئت منه فمن شدة خوفي نسيت نعلي
وفأسي
فلما طلعت درجتين التفت لأنظرهما فرأيت الأرض قد انشقت وطلع منها عفريت ومنظر شنيع، وقال ما هذه الزعجة
التي أرعشتني بها فما مصيبتك
فقالت ما أصابني شيء غير أن صدري ضاق، فأردت أن أشرب شراباً يشرح صدري فنهضت لأقضي أشغالي فوقعت
على القبة فنظر في القصر يميناً وشمالاً فرأى النعل والفأس فقال لها ما هذه إلا متاع الإنس
من جاء إليك ؟ فقالت: ما نظرتهما إلا في هذه الساعة ولعلهما تعلقا معك
فقال العفريت هذا كلام محال لا ينطلي علي فامسك بيديها وصلبها بين أربعة أوتاد وجعل يعاقبها ويقررها بما كان
فلم يهن علي أن أسمع بكاءها فطلعت من السلم مذعوراً من الخوف فلما وصلت إلى أعلى الموضع رددت الطابق كما
كان وسترته بالتراب وندمت على ما فعلت ثم مشيت إلى أن أتيت رفيقي الخياط فلقيته من أجلي على مقالي النار وهو
لي في الانتظار فقال لي: بت البارحة وقلبي عندك وخفت عليك من وحش أو غيره فالحمد لله على سلامتك
فشكرته على شفقته علي ودخلت خلوتي، وجعلت أتفكر فيما جرى لي وألوم نفسي على رفسي هذه القبة وإذا بصديقي
الخياط دخل علي وقال لي في الدكان شخص أعجمي يطلبك ومعه فأسك ونعلك قد جاء بهما إلى الخياطين وقال لهم
أني خرجت وقت آذان المؤذن، لأجل صلاة الفجر فعثرت بهما ولم أعلم لمن هما فدلوني على صاحبها، فدله الخياطون
عليك وها هو قاعد في دكاني فاخرج إليه واشكره وخذ فأسك ونعلك
وهنا ادرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح
واصبح الصباح فخرج الملك اى الديوان فامر ونهى وعزل وولى ثم اقبل الليل فدخل القصر وجلس مع زوجته واختها
يتبع