كان التابعي الجليل عبيد بن عمير قاضي مكة ، وكان الصحابة يحضرون مجلس
وعظه ويبكون فيه ويتأثرون، وهو رجل ممن غلب ملكه شيطانه،وقهر خوفه شهوته، رجل تعرضت له إمرأة باهرة الجمال فقال إني أخاف الله، بل وكان سبب هدايتها وتوبتها، وهذه حكايته :
كانت امرأة جميلة بمكة، وكان لها زوج، فنظرت يوما إلى وجهها في المرآة، فأعجبت بجمالها، فقالت لزوجه:
أترى يرى أحد هذا الوجه لا يفتتن به ؟!
قال: نعم
قالت: من ؟
قال: عبيد بن عمير.
قالت: فأذن لي فيه فلأفتننه ! !
قال: قد أذنت لك ! !
فأتته كالمستفتية، فخلا معها في ناحية من المسجد الحرام، فأسفرت المرأة عن وجهها،فكأنها أسفرت عن مثل فلقة القمر.
فقال لها:اتق الله يا أمة الله !
فقالت:إني قد فتنت بك، فانظر في أمري.
قال: إني سائلك عن شيء، فإن صدقت، نظرت في أمرك.
قالت: لا تسألني عن شيء إلا صدقتك.
قال: أخبريني لو أن ملك الموت أتاك يقبض روحك أكان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة؟
قالت:اللهم لا.
قال: صدقت .
قال: فلو أدخلت في قبرك، فأجلست للمسألة أكان يسرك أني قد قضيت لك هذه الحاجة؟
قالت: اللهم لا.
قال: صدقت .
قال: فلو أن الناس أعطوا كتبهم ولا تدرين تأخذين كتابك بيمينك أم بشمالك ،أكان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة؟
قالت: اللهم لا.
قال: صدقت .
قال: فلو أردت المرور على الصراط، ولا تدرين تنجين أم لا تنجين، أكان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة؟
قالت: اللهم لا .
قال: صدقت.
قال: فلو جيء بالموازين، وجيء بك لا تدرين تخفين أم تثقلين، أكان يسركأني قضيت لك هذه الحاجة؟
قالت: اللهم لا.
قال: صدقت .
قال: فلو وقفت بين يدي الله للمساءلة أكان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة؟
قالت: اللهم لا.
قال: صدقت.
ثم قال لها: اتق الله يا أمة الله .،فقد أنعم الله عليك، وأحسن إليك ! فرجعت إلى زوجها .
فقال لها: ما صنعت؟ فقالت له: أنت بطال، ونحن بطالون، ثم أقبلت على الصلاة، والصوم،والعبادة.
فكان زوجها يقول : مالي ولعبيد بن عمير؟ أفسد علي امرأتي، كانت كل ليلة عروسا فصيرها راهبة !!
لعلنا نتساءل عن سر هذا الرجل في صد الغواية وكبح الشهوة، ولن نجد إلا جوابا واحدا، إنه استحضار رقابة الله، لقد كان متيقنا أن عين الله ترقبه، والملائكة تحصي أعماله، وملك الموت، والميزان، و.. و.. وصدق رب العالمين إذ يقول "ما يلفظ من قول الا عليه رقيب عتيد " سورة ق.
فمن أراد المعصية، فليطرح على نفسه نفس الأسئلة ثم يتخد القرار.
من كتاب "صفقات رابحة : كيف تحجز مقعدا في الجنة" للدكتور خالد أبو شادي.-بتصرف-