جلست شهرزاد تكمل حديثها عن اخو مزين بغداد وما جرى له مع الشيخ ذو النقود الفضية
وقد قالت : بلغنى ايها الملك السعيد ذو الراى الرشيد
ان المزين اخذ يحكى لامير المؤمنين ويقول : لما امسك اخى بالشيخ
ليعطيه جزاءه على ما حدث له من نقوده المزيفة
فقال له الشيخ اتركنى او
لافضحنك فقال اخى : وبماذا تفضحنى قال : بانك تبيع لحم ادمين
فضحك اخى و وقال خدعة اخرى منك هلم بنا الى الوالى
فقال الشيخ: يا معاشر الناس إن هذا الجزار يذبح الآدميين ويبيع لحمهم
في صورة لحم الغنم وإن أردتم أن تعلموا
صدق قولي فادخلوا دكانه فهجم الناس
على دكان أخي فرؤوا ذلك الكبش صار إنساناً معلقاً فلما رأوا ذلك تعلقوا
بأخي
وصاحوا عليه: يا كافر يا فاجر وقام الناس بضربه ولطمه الشيخ على
عينه، فقلعها وحمل الناس ذلك االمذبوح المعلق
إلى صاحب الشرطة فقال له
الشيخ: أيها الأمير إن هذا الرجل يذبح الناس ويبيع لحمهم على أنه لحم غنم
وقد أتيناك به
فقم واقض حق الله عز وجل فدافع أخي عن نفسه فلم يسمع منه
صاحب الشرطة بل أمر بضربه خمسمائة جلدة وأخذوا
جميع ماله ولولا كثرة ماله
لقتلوه ثم نفوا أخي من المدينة فخرج هائماً لا يدري أين يتوجه فدخل مدينة
كبيرة واستحسن
أن يعمل إسكافياً ففتح دكاناً و اخذ يعمل شيئاً يتقوت منه
فخرج ذات يوم في حاجة له فسمع صهيل خيل فبحث على
سبب ذلك فقيل له أن الملك
خارج إلى الصيد والقنص
فخرج أخي لينظر الموكب وهو يتعجب من خسة رأيه حيث انتقل الى صنعة
الأساكفة فالتفت الملك الى ووقغت عينه
على عين أخي فأطرق الملك رأسه،
وقال: أعوذ بالله من شر هذا اليوم وثنى عنان فرسه، وانصرف راجعاً فرجع
جميع
العسكر وأمر الملك غلمانه أن يلحقوا بأخي ويضربونه فلحقوه وضربوه
ضرباً وجيعاً حتى كاد أن يموت ولم يدر أخي
السبب فرجع إلى موضعه وهو في
حالة العدم
ثم مضى إلى إنسان من حاشية الملك وقص عليه ما وقع له فضحك وقال له:
اعلم أن الملك لا يطيق أن ينظر إلى أعور
فإنه لا يرجع عن قتله فلما سمع
أخي ذلك الكلام عزم على الهروب من تلك المدينة وارتحل منها وتحول إلى
مدينة
أخرى لم يكن فيها ملك وأقام بها زمناً طويلاً، ثم بعد ذلك تفكر في
أمره وخرج يوماً ليتفرج فسمع صهيل خيل خلفه،
فقال: جاء أمر الله وفر يطلب
موضعاً ليستتر فيه فلم يجد، ثم نظر فرأى باباً منصوباً فدفع ذلك الباب
فدخل فرأى دهليزاً
طويلاً فاستمر داخلاً فيه فلم يشعر إلا ورجلان قد تعلقا
به وقالا: الحمد لله الذي مكننا منك يا عدو الهل هذه ثلاث ليال ما
أرحتنا
ولا تركتنا ننام ولا يستقر لنا مضجع بل أذقتنا طعم الموت
فقال أخي: يا قوم ما أمركم بالله؟ فقالوا: أنت تراقبنا وتريد أن
تفضحنا وتفضح صاحب البيت، أما يكفيك أنك أفقرته
وأفقرت أصحابكوفتشوه
فوجدوا في وسطه السكين التي يقطع بها النعال، فقال: يا قوم اتقوا الله في
أمري واعلموا أن
حديثي عجيب فقالوا: وما حديثك فحدثهم بحديثه طمعاً أن
يطلقوه. فلم يسمعوا منه مقاله ولم يلتفوا إليه بل ضربوه
ومزقوا أثوابه
فلما تمزقت أثوابه وانكشف بدنه وجدوا أثر الضرب بالمقارع على جنبيه فقالوا
له: يا ملعون هذا أثر
الضرب يشهد على جرمك ثم أحضروا أخي بين يدي الوالي
فأتيت إليه انا وأخذته وهربته من سجن الوالى بهد ان كان
امر بقطع يده
جزاءا للسرقة وأدخلته المدينة سراً ورتبت له ما يأكل وما يشرب
فقال له الامير نعم المروئة
فستدرك قائلا : وأما أخي الخامس فإنه كان مقطوع الأذنين و كان رجلاً
فقيراً يسأل الناس ليلاً وينفق ما يحصله
بالسؤال نهاراً وكان والدنا شيخاً
كبيراً طاعناً بالسن فخلف لنا سبعمائة درهم وأما أخي الخامس هذا فإنه لما
أخذ حصته
تحير ولم يدر ما يصنع بها فبينما هو كذلك إذ وقع في خاطره أنه
يأخذ بها زجاجاً من كل نوع ليتجر فيه ويربح
فاشترى بالمائة درهم زجاجاً
وجعله في قفص كبير
وجلس في موضع ليبيع ذلك الزجاج وبجانبه حائط فأسند ظهره إليه وقال:
إن رأس مالي في هذا الزجاج مائة درهم أنا
أبيعه بمائتي درهم ثم أشتري
بالمائتي درهم زجاجاً أبيعه بأربعمائة درهم ولا أزال أبيع وأشتري إلى أن
يبقى معي مال
كثير فأشتري داراً حسنة وأشتري المماليك والخيل والسروج
المذهبة وآكل وأشرب
واخذ يطير بخياله وكل ذلك وقفص الزجاج امامه
وهنا ادرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح
يتبع